اكتئاب ما بعد الكتابة
مفيش نشاط بعمله في حياتي بيسبب لي نفس القدر من الإحباط والاكتئاب والسعادة مع بعض زي الكتابة، فاهم ليه حد يعمل في نفسه الشئ ده لو كانت الكتابة مصدر دخله أو حرفته لكن واحد هاوي زيي بيكتب لمجرد المتعة ايه اللي بيخليه يعمل في نفسه كده؟
حاسس ان في مراحل ثابتة مبتتغيرش مع كل نص بكتبه، مشقة الكتابة نفسها بس ده طبيعي ما الجنس متعب لو بتعمله بضمير، الراحة الشديدة والرضا بعد الانتهاء من كتابة النص، بعدها بأقل من أسبوع اكتئاب الفراغ والتساؤل أيوة انا بقى بعمل ايه هنا وأين مكاني من العالم وكل الأسئلة الوجودية الكليشيهية السخيفة، وبعد كده إحباط محاولة مشاركة هذا النص مع الآخرين وعلى حسب نوع النص يتشكل نوع الإحباط، لو مقال فالمنصة الناشرة هتأخر نشره لحد ما يبقى غير ذو صلة بالوقت الحالي، لو رواية فالنشر جحيم والبحث عن دار نشر في رأيي هو فعلا أبغض الحلال عند الله.
مجرد فكرة اني محتاج أحاول الاقي دار نشر دلوقتي أصابتني باكتئاب شديد ورغبة في إجابة سؤال أنا بعمل في نفسي كده ليه؟ بعيدا عن سؤال ليه رجعت اكتب بعد ما اعتزلت الهواية دي أكتر من عشر سنين، ليه عندي هذه الرغبة في مشاركة نص كتبته أو حكاية حكيتها؟ خصوصا وانا أصلا شايف اني كاتب ردئ ودي والله مش محاولة لاصطياد المجاملات دي مشاعري الحقيقية فعلا تجاه معظم ما كتبت.
أول مرة اكتب بعد انقطاع عشر سنين أو أكتر كانت ما بقي لي من المدن، بدأ بصفحتين كتبتهم في مستند جووجل وأنا زهقان وحزين وفجأة تحول لبحث عن أشلاء مشاعر متضاربة معتقدش اني كنت هعرف أجمعها وافهمها واتصالح معاها لو مكنتش كملت كتابة، لكن مش عارف ليه كان عندي الرغبة في نشره لحد دلوقتي.
زمان واحنا مراهقين كنا بندون علشان عايزين نصرخ في العالم وننحت مكاننا فيه غصب عن الآخرين، محاولة لإعلان الوجود، لكن وأنا على مشارف الأربعين ومستنفذ من الطاقة لدرجة إني تحولت إلى تمثيل حي لنكتة "كل ما حد يجادلني في حاجة أقول له انت صح" وغير مهتم بالصراخ (بالمعنى . الدارج "مهزوم" زي أغلبية جيلي) ليه تجددت عندي الرغبة في الحكي ورافضة تختفي؟